كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ مَا لَمْ يَرْجِعْ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَمَّا اخْتَارَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ التَّفْوِيضُ إلَى خِيرَتِهِ يَقْتَضِي ذَلِكَ نِهَايَةٌ قَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَمَّا اخْتَارَهُ وَإِنْ فَعَلَهُ كَمَا فِي ع ش وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لِمَا صَلَّاهُ الْمُغْنِي. اهـ.
(قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ رَجَعَ عَمَّا اخْتَارَهُ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَاضِي) مُتَعَلِّقٌ بِيَعْمَلُ يَعْنِي بِالنِّسْبَةِ لِمَا فَعَلَهُ فِيمَا مَضَى فِي الِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ أَيْضًا أَيْ كَالْمُسْتَقْبَلِ.
(قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ بِهَا إلَخْ) هَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ سم عَلَى حَجّ. اهـ. ع ش.
وَجَزَمَ بِهِ شَيْخُنَا عِبَارَتُهُ وَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ وَيَخْتَارُ خِلَافَهُ وَلَا يُعِيدُ مَا فَعَلَهُ بِالْأَوَّلِ. اهـ.
(قَوْلُهُ تَنْبِيهٌ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْوَجْهَ أَنَّ غَيْرَ الْخَارِجِ مِنْهُ لَا يَلْزَمُهُ تَخْيِيرٌ وَأَنَّهُ إذَا أَصَابَ الْخَارِجَ لَا يَلْزَمُهُ غَسْلُهُ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ مَذْيٌ كَسَائِرِ مَا يُصِيبُهُ مِمَّا يَتَرَدَّدُ فِي أَنَّهُ نَجَاسَةٌ أَوْ يَظُنُّهُ نَجَاسَةً؛ لِأَنَّا لَا نُنَجِّسُ بِالشَّكِّ الْمُرَادُ بِهِ فِي غَالِبِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ وَأَنَّهُ لَوْ اخْتَارَ الْخَارِجَ مِنْهُ أَنَّهُ مَنِيٌّ وَاغْتَسَلَ وَلَمْ يَغْسِلْ مَا أَصَابَهُ مِنْهُ صَحَّ لِغَيْرِهِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ وَإِنْ أَصَابَهُ هُوَ مِنْ الْخَارِجِ أَيْضًا وَلَمْ يَغْسِلْهُ؛ لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّهُ شَاكٌّ فِي أَنَّ مَا أَصَابَهُمَا هَلْ هُوَ نَجَسٌ أَوْ لَا أَوْ ظَانٌّ أَنَّهُ نَجَسٌ وَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ وَصِحَّةِ اقْتِدَائِهِ بِذَلِكَ الْإِمَامِ لِأَنَّا لَا نُنَجِّسُ بِالشَّكِّ كَمَا مَرَّ وَأَنَّهُ لَوْ اخْتَارَ الْخَارِجَ مِنْهُ أَنَّهُ مَذْيٌ وَغَسَلَهُ لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاؤُهُ بِمَنْ أَصَابَهُ ذَلِكَ الْخَارِجُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَلْزَمَهُ الْعَمَلَ بِمُقْتَضَى اخْتِيَارِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْهُ وَمُقْتَضَى اخْتِيَارِهِ أَنَّ إمَامَهُ مُتَنَجِّسٌ فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا لَوْ أَصَابَ غَيْرَ الْخَارِجِ مِنْهُ ذَلِكَ الشَّيْءُ مِنْ الْخَارِجِ أَوْ لَمْ يُصِبْهُ مِنْهُ شَيْءٌ وَأَرَادَ الِاقْتِدَاءَ بِالْخَارِجِ مِنْهُ ذَلِكَ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ مَذْيٌ وَلَمْ يَغْسِلْهُ وَالْوَجْهُ عَدَمُ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ عَدَمَ انْعِقَادِ صَلَاتِهِ لِاعْتِقَادِ تَنَجُّسِهِ بِاخْتِيَارِهِ أَنَّهُ مَذْيٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ غَسَلَهُ فَيَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَلَوْ مِمَّنْ أَصَابَهُ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ غَسْلُهُ مُطْلَقًا وَبِذَلِكَ كُلِّهِ مَعَ التَّأَمُّلِ يُنْظَرُ فِيمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحِ فِي هَذَا التَّنْبِيهِ سم.
(قَوْلُهُ فِي التَّخْيِيرِ) الْأَوْلَى فِي التَّخَيُّرِ.
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ مِثْلُهُ فِي التَّخْيِيرِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ صَاحِبُهُ) أَيْ مَنْ خَرَجَ مِنْهُ ذَلِكَ الشَّيْءُ وَقَوْلُهُ وَالْآخَرُ أَيْ مَنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ ذَلِكَ الشَّيْءُ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ صَاحِبَهُ وَقَوْلُهُ اخْتَارَهُ أَيْ الْآخَرُ وَقَوْلُهُ أَنَّ الثَّانِيَ أَيْ الْآخَرَ الَّذِي اخْتَارَ أَنَّ الْخَارِجَ مَنِيٌّ.
(قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَخْ) وَافَقَهُ سم كَمَا مَرَّ آنِفًا.
(قَوْلُهُ وَأَنَّهُ) أَيْ الثَّانِي (لَا يُقْتَدَى بِهِ) أَيْ بِصَاحِبِ الْخَارِجِ وَقَوْلُهُ فِي الصُّورَةِ إلَخْ أَيْ فِيمَا إذَا تَخَالَفَ اخْتِيَارُهُمَا وَتَقَدَّمَ عَنْ سم مَا يُخَالِفُهُ وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْهَاتِفِيِّ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحِ هُوَ الْأَصْوَبُ قِيَاسًا عَلَى عَدَمِ جَوَازِ اقْتِدَاءِ مَنْ أَخَذَ أَحَدَ الْإِنَاءَيْنِ الْمُشْتَبِهَيْنِ بِظَنِّ الطَّهَارَةِ وَتَوَضَّأَ مِنْهُ بِاَلَّذِي أَخَذَ الْآخَرَ مِنْهُمَا بِظَنِّ الطَّهَارَةِ أَيْضًا لِاعْتِقَادِهِ نَجَاسَةَ إنَاءِ صَاحِبِهِ وَعَلَى عَدَمِ جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ بِمُخَالِفِهِ فِي الِاجْتِهَادِ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ فَتَدَبَّرْ انْتَهَى. اهـ.
أَقُولُ وَقَوْلُهُ قِيَاسًا إلَخْ ظَاهِرُ الْمَنْعِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَشْكُوكِ فِيهِ وَالْمَظْنُونِ بِالِاجْتِهَادِ الَّذِي نَزَّلَهُ الشَّارِعُ مَنْزِلَةَ الْيَقِينِ.
(قَوْلُهُ الْأَخِيرَةِ) الْأَوْلَى الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ وَيَتَخَيَّرُ إلَخْ) أَيْ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ فِي دُبُرِ ذَكَرٍ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ أَيْ الْخُنْثَى إمَّا جُنُبٌ بِتَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ أَوْ مُحْدِثٌ بِتَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِ خَطِيبٌ أَيْ بِاللَّمْسِ، وَأَمَّا الذَّكَرُ فَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَكَذَا يَتَخَيَّرُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَلَا مَانِعَ مِنْ النَّقْضِ) أَيْ بِلَمْسِهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَحْرَمِيَّةٌ وَلَا عَلَى الذَّكَرِ حَائِلٌ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ بُجَيْرِمِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَوْ فِي دُبُرِ خُنْثَى إلَخْ) لِأَنَّهُمَا إمَّا جُنُبَانِ بِتَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِمَا أَوْ ذُكُورَةِ أَحَدِهِمَا لِوُجُودِ الْإِيلَاجِ فِيهِمَا فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ بِذَكَرٍ أَصْلِيٍّ وَإِمَّا مُحْدِثَانِ بِتَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِمَا بِالنَّزْعِ مِنْ الدُّبُرِ وَالْفَرْجِ سم وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى وَصَوَابُهُ كَمَا فِي الْمُغْنِي؛ لِأَنَّهُ إمَّا جُنُبٌ بِتَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ ذَكَرًا كَانَ الْآخَرُ أَوْ أُنْثَى وَبِتَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِ وَذُكُورَةِ الْآخَرِ أَوْ مُحْدِثٌ بِتَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِمَا.
(قَوْلُهُ أَوْ فِي دُبُرِ خُنْثَى أَوْلَجَ ذَكَرَهُ إلَخْ) وَأَمَّا إيلَاجُهُ فِي قُبُلِ خُنْثَى أَوْ فِي دُبُرِهِ وَلَمْ يُولِجْ الْآخَرُ فِي قُبُلِهِ فَلَا يُوجِبُ عَلَيْهِ أَيْ الْمُولِجِ شَيْئًا خَطِيبٌ أَيْ لِاحْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ وَكَذَا لَا شَيْءَ عَلَى الْمُولَجِ فِيهِ فِي الْأُولَى لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَيَنْتَقِضُ وُضُوءُهُ بِالنَّزْعِ بُجَيْرِمِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا يَتَخَيَّرُ الْمُولَجُ فِيهِ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي الْأُولَى بِأَنَّ حَدَثَهُ مُحَقَّقٌ بِالنَّزْعِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُولِجُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَبِالْمُلَامَسَةِ أَيْضًا عَلَى تَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِ وَلَيْسَ هُوَ كَمَنْ شَكَّ فِي خَارِجِهِ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ بِعَيْنِهِ بِخِلَافِ هَذَا قَالَ فَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ دُونَ الْغُسْلِ لِشَكِّهِ فِي مُوجِبِهِ فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِهِمَا عَلَى إجْرَاءِ الْخِلَافِ فِي الْخُنْثَى فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الدَّائِرُ بَيْنَ الْجَنَابَةِ وَالْحَدَثِ إذْ لَمْ يَتَحَقَّقْ أَحَدُهُمَا بِعَيْنِهِ سم و(قَوْلُهُ فَيَتَعَيَّنُ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ لَوْ أَرَادَ بِالْخُنْثَى فَقَطْ الْمُولِجَ بِالْكَسْرِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَرَادَ بِهِ الْمُولَجَ فِيهِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ فِي الْأُولَى فَإِنَّ حَدَثَهُ مُحَقَّقٌ فِيهَا أَيْضًا بِالنَّزْعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ رَأَى) إلَى قَوْلِهِ نَعَمْ فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ فِي نَحْوِ ثَوْبِهِ) أَيْ أَوْ فِرَاشِهِ وَلَوْ بِظَاهِرِهِ مُغْنِي وَأَسْنَى وَإِيعَابٌ وَشَرْحُ بَافَضْلٍ وَهُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ التُّحْفَةِ وَقَيَّدَهُ النِّهَايَةُ بِبَاطِنِ الثَّوْبِ وِفَاقًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْقَلْيُوبِيُّ وَغَيْرُهُ وَيُمْكِنُ رَفْعُ الْخِلَافِ بِحَمْلِ كَلَامِ الْأَوَّلَيْنِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَحْتَمِلْ كَوْنَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَالْآخَرَيْنِ عَلَى مَا إذَا احْتَمَلَهُ كَمَا يُومِئُ إلَى ذَلِكَ كَلَامُهُمْ كُرْدِيٌّ و(قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ إلَخْ) فِي ع ش مَا يُوَافِقُهُ.
(قَوْلُهُ لَزِمَهُ الْغُسْلُ) وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ احْتِلَامًا نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ وَإِعَادَةُ كُلِّ صَلَاةٍ إلَخْ) أَيْ مَكْتُوبَةٍ وَيُنْدَبُ لَهُ إعَادَةُ مَا احْتَمَلَ أَنَّهُ فِيهَا كَمَا لَوْ نَامَ مَعَ مَنْ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ وَلَوْ نَادِرًا كَالصَّبِيِّ بَعْدَ تِسْعٍ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُمَا الْغُسْلُ وَالْإِعَادَةُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ مَا لَمْ يُحْتَمَلْ أَيْ عَادَةً إلَخْ) بِأَنْ نَامَ فِي ثَوْبٍ أَوْ فِرَاشٍ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ مَنْ لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ كَالْمَمْسُوحِ نِهَايَةٌ.
(وَيَحْرُمُ بِهَا) أَيْ الْجَنَابَةِ وَإِنْ تَجَرَّدَتْ عَنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَيَأْتِي مَا يَحْرُمُ بِالْحَيْضِ فِي بَابِهِ (مَا حَرُمَ بِالْحَدَثِ) وَمَرَّ فِي بَابِهِ (وَالْمُكْثُ) وَهَلْ ضَابِطُهُ هُنَا كَمَا فِي الِاعْتِكَافِ أَوْ يُكْتَفَى هُنَا بِأَدْنَى طُمَأْنِينَةٍ لِأَنَّهُ أَغْلَظُ، كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالثَّانِي أَقْرَبُ أَوْ التَّرَدُّدُ مِنْ مُسْلِمٍ (فِي) أَرْضِ أَوْ جِدَارِ أَوْ هَوَاءِ (الْمَسْجِدِ) وَلَوْ بِالْإِشَاعَةِ أَوْ الظَّاهِرُ لِكَوْنِهِ عَلَى هَيْئَةِ الْمَسَاجِدِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيمَا هُوَ كَذَلِكَ أَنَّهُ مَسْجِدٌ ثُمَّ رَأَيْت السُّبْكِيَّ صَرَّحَ بِذَلِكَ فَقَالَ إذَا رَأَيْنَا مَسْجِدًا أَيْ صُورَةَ مَسْجِدٍ يُصَلَّى فِيهِ أَيْ مِنْ غَيْرِ مُنَازِعٍ وَلَا عَلِمْنَا لَهُ وَاقِفًا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ لِأَنَّ اسْتِمْرَارَهُ عَلَى حُكْمِ الْمَسَاجِدِ دَلِيلٌ عَلَى وَقْفِهِ كَدَلَالَةِ الْيَدِ عَلَى الْمِلْكِ فَدَلَالَةُ يَدِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى هَذَا لِلصَّلَاةِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى ثُبُوتِ كَوْنِهِ مَسْجِدًا.
قَالَ وَإِنَّمَا نَبَّهْت عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يَغْتَرَّ بَعْضُ الطَّلَبَةِ أَوْ الْجَهَلَةِ فَيُنَازِعَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إذَا قَامَ لَهُ هَوًى فِيهِ. اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ حَرِيمَ زَمْزَمَ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمَسْجِدِ وَكَوْنُ حَرِيمِ الْبِئْرِ لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ مَسْجِدًا إنَّمَا يُنْظَرُ إلَيْهِ إنْ عُلِمَ أَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ الْمَسْجِدِ الْقَدِيمِ وَلَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ بَلْ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا مَحْفُورَةٌ فِيهِ وَعَضَّدَهُ إجْمَاعُهُمْ عَلَى صِحَّةِ وَقْفِ مَا أَحَاطَ بِهَا مَسْجِدًا وَإِلَّا فَوَقْفُ الْمَمَرِّ لِلْبِئْرِ كَوَقْفِ حَرِيمِهَا إذْ الْحَقُّ فِيهِمَا لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ وَكَالْمَسْجِدِ مَا وُقِفَ بَعْضُهُ وَإِنْ قَلَّ مَسْجِدًا شَائِعًا وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ فِي مِنًى وَمُزْدَلِفَةَ وَعَرَفَةَ بِغَيْرِ مَسْجِدَيْ الْخَيْفِ وَنَمِرَةَ أَيْ الْأَصْلُ مِنْهُمَا لَا مَا زِيدَ فِيهِمَا (لَا عُبُورُهُ) أَيْ الْمُرُورُ بِهِ وَلَوْ عَلَى هِينَتِهِ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّ سَيْرَ حَامِلِهِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ فِي الطَّوَافِ وَنَحْوِهِ وَلَوْ عَنَّ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ الْبَابِ الْآخَرِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَهُ قَبْلَ وُصُولِهِ؛ لِأَنَّهُ تَرَدُّدٌ وَهُوَ أَعْنِي الْمُرُورَ بِهِ لِغَيْرِ غَرَضٍ خِلَافُ الْأَوْلَى.
وَذَلِكَ لِلْخَبَرِ الْحَسَنِ «إنِّي لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ» مَعَ قَوْله تَعَالَى: {وَلَا جُنُبًا إلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} وَالْأَصْلُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الِاتِّصَالُ الْمُوجِبُ لِتَقْدِيرِ مَوَاضِعَ قَبْلَ الصَّلَاةِ نَعَمْ إنْ احْتَلَمَ فِيهِ وَعَسُرَ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ مِنْهُ جَازَ لَهُ الْمُكْثُ فِيهِ لِلضَّرُورَةِ وَلَزِمَهُ التَّيَمُّمُ وَيَحْرُمُ بِتُرَابِهِ وَهُوَ الدَّاخِلُ فِي وَقْفِهِ وَلَوْ فَقَدَ الْمَاءَ إلَّا فِيهِ وَمَعَهُ إنَاءٌ تَيَمَّمَ وَدَخَلَ لِمَلْئِهِ لِيَغْتَسِلَ بِهِ خَارِجَهُ فَإِنْ فُقِدَ الْإِنَاءُ جَازَ لَهُ الِاغْتِسَالُ فِيهِ وَاغْتُفِرَ لَهُ زَمَنَهُ لِلضَّرُورَةِ بَلْ لَوْ كَانَ الْمَاءُ فِي نَحْوِ بِرْكَةٍ فِيهِ جَازَ لَهُ دُخُولُهُ مُطْلَقًا لِيَغْتَسِلَ مِنْهَا وَهُوَ مَارٌّ فِيهَا لِعَدَمِ الْمُكْثِ وَمِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِلُّ الْمُكْثِ لَهُ بِهِ جُنُبًا وَلَيْسَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِثْلَهُ فِي ذَلِكَ وَخَبَرُهُ ضَعِيفٌ وَإِنْ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَخَرَجَ بِالْمَسْجِدِ نَحْوُ الرِّبَاطِ وَالْمَدْرَسَةِ وَمُصَلَّى الْعِيدِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ بِهَا) أَيْ الْجَنَابَةِ فَإِنْ قِيلَ هَلَّا قَالَ أَيْ الْمَذْكُورَاتِ حَتَّى يَشْمَلَ الْحَيْضَ وَالنِّفَاسَ وَالْحُكْمُ صَحِيحٌ قُلْت إنَّمَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لِأَنَّ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ الْمَوْتَ وَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ وَهَذَا قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ التَّعْمِيمِ؛ وَلِأَنَّ إطْلَاقَ جَوَازِ الْعُبُورِ لَا يَتَأَتَّى فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ الْعُبُورُ مِنْهُمَا مَعَ أَمْنِ التَّلْوِيثِ فَإِطْلَاقُهُ الْجَوَازَ إنَّمَا يُنَاسِبُ الْجَنَابَةَ وَلِأَنَّهُ ذَكَرَ مُحَرَّمَاتِ الْحَيْضِ فِي بَابِهِ فَلَوْ عَمَّمَ هُنَا لَزِمَ التَّكْرَارُ.
(قَوْلُهُ مِنْ مُسْلِمٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ مُكَلَّفٍ ثُمَّ قَالَ: وَبِمُكَلَّفٍ أَيْ وَخَرَجَ بِمُكَلَّفٍ الصَّبِيُّ الْجُنُبُ فَيَجُوزُ تَمْكِينُهُ مِنْ الْمُكْثِ فِيهِ وَمِنْ الْقِرَاءَةِ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ فَتَاوَى النَّوَوِيِّ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ لَهُ فَتَاوَى أُخْرَى غَيْرَ مَشْهُورَةٍ فَلَا أَثَرَ لِكَوْنِهِ لَيْسَ فِي الْمَشْهُورَةِ وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ. اهـ. وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الزَّرْكَشِيّ وَنَظَرَ فِي الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ يُخَالِفُهُ قَوْلُهُ الْآتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْقُرْآنُ وَلَوْ صَبِيًّا كَمَا مَرَّ. اهـ.
وَهُوَ أَوْجَهُ مِمَّا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ كَمَا يَلْزَمُ الْوَلِيَّ مَنْعُهُ مِنْ سَائِرِ الْمَعَاصِي فَلْيُتَأَمَّلْ لَكِنْ اعْتَمَدَ الْجَوَازَ م ر فَقَالَ وَمَحَلُّهُ فِي الْبَالِغِ أَمَّا الصَّبِيُّ الْجُنُبُ فَيَجُوزُ لَهُ الْمُكْثُ فِيهِ كَالْقِرَاءَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ.